recent
أخبار ساخنة

الخيرية والشرية في ماء زمزم وماء برهوت

الخيرية والشرّية في ماء زمزم وماء برهوت



  الخيرية والشرّية في ماء زمزم وماء برهوت


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

متابعي ومشاهدي مدونة آخر مستجدات العالم

رجعنا لكم بمقالة جديدة وشيقة وحصرية 

وفي موضوع اليوم سنتحدث عن

الخيرية والشرّية في ماء زمزم وماء برهوت

وسنشرح الألفاظ الغريبة التي وردت في حديث برهوت 

والخيرية في ماء زمزم والشّرية في ماء برهوت

وهل يصح التطهر بماء برهوت 

واين تقع قُبَّة أو قيَّة برهوت 

وما السبب في تدفق الماء صباحا وانها تمسي لابلال بها  

كل هذا وأكثر سنتعرف عليه معا في هذة المقالة 



 بَرَهُوت في حديث حسن عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

روى الطبري في ( المعجم الأوسط ) فقال : 

حدثنا موسى بن هارون حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني 

حدثنا مسكين بن بكير حدثنا محمَّد بن مهاجر

 عن إبراهيم بن أبي حرة عن مجاهد

 عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم   قال : 

« خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم 

فيه طعام من الطُعم وشفاء من السقم 

 وشرُّ ماء على وجه الأرض ماء بوادي بَرَهُوت

 بقُبة بحضرموت عليه كرجل الجراد من الهوام 

تصبح تدفق وتمسي لا بلال بها »

وفي رواية بقِيَّة

 

1.شرح حديث بَرَهُوت :



جاء في الحديث بعض الألفاظ الغريبة

 يمكن أن تكون مفتاحاً لفهم مدلول الحديث 

وحتى نقترب من معانيها الدقيقة

 سنستعين بأحاديث نبوية أخرى ومصادر لغوية ، ومن تلك الألفاظ :


1- رِجل الجراد :



 ورد وصف رِجل الجراد في السُنَّة

 في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في ( سنن الترمذي )

 حين قال : ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم  

في حج أو عمر فاستقبلنا رِجل من جراد فجعلنا نضربه بسياطنا )

 [ سنن الترمذي رقم ( 778 ) ]

 وفي ( صحيح مسلم ) من حديث البراء عن يوم حنين : 

( ... فرموهم برشق من نبل كأنَّـها رجل من جراد ... ) 

[ صحيح مسلم رقم ( 3326 )] 

وفي حديث نبي الله أيوب عليه السَّلام في ( صحيح البخاري ) 

قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم   :

 ( بينما أيوب يغتسل عرياناً خرَّ عليه رِجل جراد من ذهب فجعل يحثي في ثوبه )

 [ صحيح البخاري رقم ( 3140 ) ] 

ونجد في النصوص السابقة الألفاظ الآتية :

 ( استقبالهم للجراد الطائر رموهم خرَّ ) ما يفيد الحركة الطائرة  

وفي ( نضربه بسياطنا رشق من نبل يحثي ) ما يدل على الغزارة والكثافة 

فكأنَّ رِجل الجراد يطلق على الجماعة الكثيفة الطائرة 

( جراد كثير طائر نبال مقذوفه بغزارة مطر غزير ) 

والمصادر اللغوية تعضد هذه القراءة فالرِجْلُ في اللغة : 

الجماعة الكثيرة من الجراد ونحوه 

 وتفسير وصف الجماعة الطائرة بـ( رِجل الجراد ) و ( عمود الجراد ) 

لأنَّ الجراد إذا طار يبدو كأنَّه عمود أو رجل واقفة .


2- القيَّة :



لم أجد في السُنَّة لفظ القِيَّة 

 لكن القِيَّة في اللغة هي الجِيَّة 

 فيقال قِيَّة وجِيَّة ،بوزن النِّية بغير همزة 

وهي الحفر  التي تجتمع فيها مياه السيول

 ويكون ماؤها في العادة متغيراً 

تقول الأعراب : ( قِيَّةٌ من ماءٍ وجِيَّةٌ من ماء  

أي ماءُ نافعٌ خبيث ، إمَّـا مالح أو مخلوط ببول ) 

ومنه قول الحارث بن عبدالله بن سائب لنافع بن جبير بن مطعم : 

( ... ذهب هاشم بالنبوة وعبد شمس بالخلافة وتركوك بين فرثها و الجية )

 وجاء في السُنة لفظ الجِيَّة كما في حديث عيسى عليه السَّلام -  :

( أنَّـه مَرَّ بنًهْرٍ جَاوَرَ جِيَّةً مُنتِنةً )

 وفي حديث يأجوج ومأجوج : 

((  ... فيهلكهم الله ويميتهم حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم ))

[ مسند الإمام أحمد رقم ( 3375 ) ] 

 قال أبو عبيد في ( الغربيين ) : أين تنتن الأرض منهم 

 وقد ارتبطت الجية في الحديثين بالماء الراكد و النتن .

3- القُبَّة :



ووردت القُبَّة في السُنَّة في أحاديث كثيرة

 كما في حديث أبي داود :

 ((  ... وقال بأصابعه مثل القبة   ))

 [ سنن أبي داود . رقم ( 4101 ) ] 

وفيه ما يفيد أنَّـها تجويف يدق كُلَّمَـا ارتفع 

ويكون بناؤها كما جاء في الأحاديث - من لَبِنْ 

أو أَدِمْ أو شَعَرْ أو خُوص أو لؤلؤ أو ياقوت 

 وفي اللغة  القب : شدة الدمج للاستدارة .

 وكل شيء جُمعت أطرافه فقد قببته استقت القبة 

 وعليه قد يكون جوف القبة كروياً أو مخروطياً أو منشورياً أو ما شبهها .


4- الهوام :



جاءت الهوام في أحاديث بمعنى الحيات 

 كما في حديث أبي سعيد الخدري عند أبي داود ( في قتل الحيَّات ) 

أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم   قال :

 « إن الهوام من الجن ...  » 

[ سنن أبي داود رقم الحديث ( 4574 ) ] 

و أتت بمعنى الحشرات كالقمل

 مثل قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم 

  كما في ( صحيح البخاري ) لكعب بن عُجْرة :

 « أيؤذيك هوام رأسك  »  [ صحيح البخاري . رقم الحديث ( 5233 ) ] 

وجاءت بمنى ذوات السموم من الدواب 

 والمؤذي والضار من الحشرات كما في حديث : 

« أذا عرَّستم بالليل فاجتنبوا الطريق فإنَّـها مأوى الهوام بالليل  »

 [ صحيح مسلم . رقم الحديث ( 3552 ) ] 

وتقع الهامة على غير ذوات السم القاتل 

 والهوام بتشديد الميم جمع هامة مثل دواب جمع دابة 

 سميت هامَّة لأنَّـها تَهِمُّ أي تَدِبُّ 

 قال الأصمعي : الهوام : (الحشرات والأحراش والأحناش ) 

وقال الفراهيدي : هي خَشاشُ الأرض من عقاربَ وشبْهِها . 

والهوام في الأحاديث السابقة وكذا المصادر اللغوية

 يدخل فيه الحشرات والحيات وما شابهها .

2.الخيرية والشرّيةفي ماء زمزم وماء برهوت :

في الحديث مقابلة بين خير ماء وشرّ ماء 

 ماء زمزم وماء بَرَهُوت 

خيرية ماء زمزم

خيرية ماء زمزم



 أمَّـا ماء زمزم فقد جاءت خيريته من جهات لا تخفى

 فبئره فجَّرَهَا بأمر الله روح القدس جبريل عليه السَّلام 

كرامة لإسماعيل عليه السَّلام وأمه 

 فهي من بركات آل إبراهيم  خليل الرحمن 

 وموضعها بلد الله الأمين و حرمُهُ وجوار بيته العتيق ، فهي خير بئر .



إن أعذب ماء ولو كان فراتاً

 غايته أن يحقق الري فحسب 

 أمَّـا أن يكون طعاماً فهذا يخرجه عن كونه ماء عادياً

 إلى أن يكون ماءً معجزاً 

 وهذا زمزم  ماء فُرَاتً وشراب مغذٍّ وطعام مشبعٌ 

لعل هذا والله أعلم أقربُ تفسير للوصف النبوي لماء زمزم

 بأنَّ فيه ((  طعام من الطُعم  )) 


وقد استغنى به بعض المؤمنين الصَّالِـحين عن الطعام 

فصام عما سوى ماء زمزم من الطعام و الشراب شهراً كاملاً 

 أمَّـا من كان بإيمان أبي ذر رضي الله عنه فسَيسمنُ حتى تتكسر بطنه ...! 

وهذا يصعب على الطب المادي تفسيره 



 أمَّـا وقائع الاستشفاء بماء زمزم من الأمراض

 الجسدية المزمنة والخطيرة وأمراض السحر والعين 

والمس فكثيرة متجددة لأهل الإيمان 

 ولعل في وصف ماء زمزم بأنَّـه ( شفاء ) وليس

 ( دواء ) أبلغ وأشمل ، فتناول الدواء لا يقتضي الشفاء 

 أما ماء زمزم فهو شفاء من السقم 

ولن يُسَمِ الرَّسُول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم 

  مرضاً بعينه فكأنَّ ماء زمزم ( دواء شاف من كُلُّ داء ) 

بل يروى أن شربه وسيلة لاستجابة الدُّعاء

 فيشرب بنية كذا فـ( ماء زمزم لِما شرب لهُ )

 كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم   

 ولازالت الأبحاث الجيولوجية و الطبية تكشف بعض خصائص

 هذا المنبع الرباني القديم الغزير 

 ومن تلك الخصائص : أنَّ ماء زمزم ينضح من صخور نارية

 ومتحولة مصمَّته غير مسامية 

 لا يخرج منها ماء في العادة ، ويأتي الماء إلى بئر زمزم

 من تشققات شعرية دقيقة 

تمتد مسافات هائلة بعيداً عن مكة وفي جميع الاتجاهات 

 وكأنَّ الذي فجر ماءها هِزَّةٌ

 وذلك مصداق لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم  

عن زمزم : « ... هزة جبريل وسقيا إسماعيل  » 

[ سنن الدَّارقطني رقم الحديث ( 1739 ) ]



 ورغم أنَّ البئر تجاوز عمرها الثلاثة آلاف سنة

 إلا أنَّـها تتدفق بغزارة عجيبة تتراوح بين ( 11 18.5 ) لتراً في الثانية 

 وكشفت التحاليل الكيميائية عن تركيبة فريدة

 تميز بِـها ماء زمزم عن مياه الآبار المجاورة لها

 منها أن ماء زمزم خال تماماً من أي مكروبات

 حتى التي تكون عادة في التربة 

 وأنَّـه غني بالعناصر والمركبات الكيميائية النافعة 

التي تُقَدَّر بحوالي ( 2000 ) مللجرام في اللتر 

 في حين لا تزيد نسبتها في الآبار المجاورة عن ( 260 ) ملليجراماً في اللتر 

 وفي هذا تفسير محسوس لقدرة ماء زمزم على شفاء الأمراض

 التي تنشأ من اختلال في التركيب الكيميائي 

 وكأنَّ في شربة زمزم وسيلة تبتغي لاستجابة الدُّعاء 

 وشفاء المرض أياً كان نوعه و فيه عوضٌ عن الطعام والشراب 

 كما تجده عذباً فراتاً مروياً 

 وتلك المزايا هبة من الله للمؤمن خاصة 

وعلى قدر إيمان شاربه تتحقق بغيته منه والله أعلم

  كُلُّ هذا يفسر قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم   

:« خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم  » .




أمَّـا العَالِم الياباني الدكتور مساروا إيموتو Emoto


مساروا إيموتو Emoto


رئيس معهد ( هادو ) للبحوث العلمية في طوكيو

 ومؤسس نظرية تبلور ذرات المياه بفعل المؤثرات الخارجية 

سواء كانت بصرية أو سمعية

 والتي ضمَّنها كتابه الشهير ( رسالة من الماء ) 

وترتكز هذه النظرية على ظاهرة ( هادو )

 وهي ظاهرة تأثير الأفكار والمشاعر في الواقع المادي 

وتظهر بوضوح في المياه حيث تتشكل أنواعاً مختلفة من بلورات الماء 

تتباين في حسنها وقبحها بسبب تأثرها بكلمات ملفوظة وحتى مكتوبة 

 وقد أجرى تجارب كثيرة على مياه جمعها من مناطق شتى 

 لكن الدهشة جذبته عندما أجرى تجاربه على ماء زمزم 

الذي قاوم بشكل عجيب محاولة تغيير خصائصه

 باستخدام ( تقنية النانو )


 فقد احتفظ ماء زمزم بخواصه حتى عند مزجه

 بكمية كبيرة من الماء العادي 

 فعند إضافة قطرة واحدة من ماء زمزم إلى 1000 قطرة من الماء العادي 

فإنَّ الماء العادي يكتسب الخصائص البلورية لماء زمزم .

 وخلص إيموتو Emoto إلى القول إن زمزم ماء فريد ومتميز 

ولا تشبه بلوراته بلورات بقية المياه .


وتحدث إيموتو Emoto عن تغير مادي مشاهد

 يحدث في التركيب البلوري للماء عند قراءة البسملة والقرآن عليه 

 فالبسملة على سطح الماء أحدثت كما يقول تأثيراً عجيباً 

وكونت بلورات مائية فائقة الجمال 

 وإذا قٌرئت على ماء زمزم آيات من القرآن

 تشكلت بلورات مائية لها تصميم رمزي غاية في الصفاء والنَّقاء .


ويفسر إيموتو Emoto ذلك بأنَّ الاهتزازات الناتجة عن القراءة 

عبارة عن صورة من صور الطاقة 

باستطاعتها تشكيل بلورات مائية ذات أشكال هندسية مختلفة 

تمثل ما يسميه بـ( بذاكرة الماء ) 

وتختزن هذه الذاكرة المسموعات والمرئيات والمشاعر

 والانفعالات والمعلومات في رسالة يمكن نقلها إلى الآخرين

 والتأثير بِـها عليهم سلباً أو إيجاباً 

 لذا يمكن الانتفاع بهذه الخاصية المائية

 في تقوية مناعة الإنسان وعلاجه من الأمراض العضوية والنفسية   .



وقد طوَّر إيموتو تقنية خاصة 

لتصوير البلورات التي تشكلت من عينات المياه المبردة 

عن طريق استخدام مجاهر قوية

 للتعرف على تعابير الماء ومضمون الرِّسالَة التي يحملها

لقد أسفرت أبحاث إيموتو عن أن زمزم ماء قوي التأثير

 ذو فاعلية مهيمنة على بقية المياه 

 ورسمت بلوراته الجميلة خصائصه النورانية الفريدة الطيبة

 وأنَّـه يحمل رسالة خير ونفع للمؤمنين 

 فهل يحمل ماء بَرَهُوت الذي تحدث 

الرَّسُول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم  

عن شرّه رسائل خبيثة ضارة ؟

 وهل سترسم بلوراته أشكالاً هندسية 

غاية في القبح والبشاعة ؟ 

وهل أنَّـه من السفلية والدناءة ما يعجز ماء زمزم عن رفعها إذا خلط به ؟



 كم نحن بحاجة إلى أن تصل أبحاث

 مسارو إيموتو إلى ماء مغارة بَرَهُوت

 الذي يمكن عصره من جو المغارة الرطيب 

بالتكثيف إذا لم تفلح عمليات البحث عن ماء

 أرى ذلك الماء غير بعيد في الشقوق الغائرة 

في قعر المغارة عند أخدود الحفرة ( المنبع )

 فهل من يدفع بالبحث في هذا الاتجاه ؟ .


شرّيةماء برهوت 




أمَّـا ماء بَرَهُوت فتقتضي المقابلة النبوية مضادته لماء زمزم

 في صفاته فهو ( شرُّ ماء في الدُّنيا ) 

ولفظا ( القِيَّة والهوام ) يضعك أمام ماء 

راكد نتن تخالطه الملوحة والقذارة

 وتغطيه الحشرات وتغشاه الهوام 

 فإذا كان هذا حاله فالمرض والضرر منه قريب 

( داء ممرض ) 

والري عنه بعيد تتقزز الأبدان من الاقتراب منه

 فلا تمسه، فضلاً عن أن تغتسل فيه أو تشرب منه 

 هذا ما يمكن استنتاجه من قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم   :

 ( بقِيَّة عليه كرجل الجراد من الهوام ) 

و تبرز هنا نكتة : وهي أن الماء الراكد المنتن المغطى 

بالحشرات الضارة الناقلة للأمراض والمأوى للهوام

 السامة القاتلة يتكرر في كثير من بقاع الأرض 

 فلماذا حكم الشارع على ماء قِيّة بَرَهُوت 

بحضرموت بأنَّـه شرُّ ماء على وجه الأرض ؟ 

وهو ذم لم يبلغه حتى مياه ديار ثمود 

( أرض العذاب )

 التي نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم  

حتى عن أكل العجين الذي عُجن بمائها

 وأمر بأن يُرمى للدواب




 ما الشيء الذي تفرد به ماء قِيّة بَرَهُوت حتى يستحق هذا الذم ؟

 لابد أن يكون هناك شيءٌ آخر فما ذاك ؟

 إذا عُدنا إلى السٌنَّة لنعرف عِلَّة ذم المياه 

لوجدنا أن منها ما كان بأرض عذاب

 ويرى البعض أن العذاب العظيم المهلك 

الذي حَلَّ بالأمم الكافرة كقوم عاد وثمود ولوط 

كان ملوثاً للبيئة كالكارثة النووية 

يمتد إلى الماء حتى ولو كان في قعر الآبار 

 لكن من تأمل الحديث يجد أن من المحتمل 

أن تكون ثمة عِلَّة أخرى 

وهي نهي الشارع أن نسكن مساكن الذين ظلموا 

أو أن نشرب من حيث شربوا 

ولذا استثنى رسول الله بئر الناقة من آبار ثمود 

ولعل سبب الحكم بكراهة الطهور والشرب من 

آبار بابل ( بلد السحرة الأول ) 

وبئر ذروان ( التي وضع فيها سحرٌ لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم  

أن تلك آباراً ارتبطت بالسحر والشيطان 

 والحكم بتجنب مائها كان من باب الوقاية 

من الإصابة بالماء الذي ربما سرى إليه شيء من السحر

 وأثر الشَّياطِين والأرواح الخبيثة


 وحين نعرض العلتين وهما غيبيتان على ماء بَرَهُوت

 ( عَلَّة الأرض المغضوب عليها والسحر واثر الأرواح الخبيثة ) 

نجد الحديث يخلو من أي إشارة لعاد أو للأحقاف فقال : 

« بقِيَّة حضرموت  »  ولم يقل بقِيَّة الأحقاف 

وليس في الحديث ذكر للبئر أو للأرواح 

أو لـِما أشتُهر عن بَرَهُوت من أنَّـها بئر تُحبس فيها أرواح الكفار

 وأنَّـها موقع عذابهم البرزخي ، أو أنَّـها مأوى مردة الجن والشياطين .

ونخلص هنا إلى أن العِلَّة الحسية في ذم ماء بَرَهُوت نطق بِـها الحديث 

 أمَّـا العِلَّة الغيبية لأنَّـها تقع في الأحقاف ( أرض عذاب ) 

أو لأنَّـها مأوى الأرواح الخبيثة فليس في هذا الحديث 

ولا في غيره من الأحاديث الصحيحة أو الضعيفة 

التي وقف عليها الباحث ما يشير إلى تلك العِلَّة 

من قريب أو بعيد ، لذا يحسن بنا الوقوف عند نص الحديث 

 فالأمر عقدي غيبي لا يثبت إلا بنص

 صريح من الكتاب أو  السُنَّة . والله تعالى أعلم .

3.أين تقع قِيّة وقِبّة بَرَهُوت ؟



إذا تتبعنا الخارطة التي رسمها

 الرَّسُول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم   - في الحديث لموقع ماء 

بَرَهُوت نجدها ( حضرموت وادي بَرَهُوت قِيّة أو قُبَّة بِـها ماء بَرَهُوت المذموم ) 

وإذا استعنا في تحديد موقع وادي بَرَهُوت بالثقات

 من البلدانيين المتقدمين ( أهل الاختصاص ) 

أمثال ياقوت الحموي ( ت 626هـ ) مؤلف ( معجم البلدان ) 

نجد عنده تحديداً دقيقاً لموقع بَرَهُوت يقول ياقوت : 

تقع بَرَهُوت قرب قرية ( تنعه

وفصَّل في ذكر تنعه وهي بلد بَرَهُوت فذكر موقعها

 وأعلامها ونسب ساكنيها من التعيين

 وذكر مهجرهم في زمانه وهو الكوفة 

 ولعل ياقوت قد نقل عن هؤلاء المهاجرين من تنعه 

هذا التحديد ،ولا تزال قرية تنعه بِـها عِمارة إلى اليوم .



وحين نسترشد بالحضارمة وأهل حضرموت أدرى بشعابها  

نجدهم يأخذون بيد من يبحث عن بَرَهُوت إلى بلد بَرَهُوت

 ويدخلون به إلى وادي بَرَهُوت ويصعدون به إلى الجبل 

حيث الكهف المشرف والمغارة الفريدة 

ذات الفوهة السوداء  والتي يطلق عليه سكان بَرَهُوت ( دِبة جهنم )

 ومن جاء باحثاً عن أعجوبة بَرَهُوت قاصداً لها لم يُنته به إلا إلى هذا الموقع :


 كابن يحيى محمد بن عقيل بن يحيى  العَالِم وهو عالم ورحَّالة حضرمي 

 والرَّحالة الهولندي فاندر ميولن وغيرهم 

 وإذا أصغينا إلى الروايات القديمة المسندة 

التي تتحدث عن أُناس جاءوا ليخاطبوا أرواح الهالكين

 في بَرَهُوت نجد فيها وصفاً لبرهوت بأنَّـها ( عين ماء ) .

وحين نلتمس موقع بَرَهُوت في قدامى المصادر

 التي دونت التاريخ الإسلامي

 تجعلنا نقترب من الزمن الذي يصف فيه

 رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم  

هذا الموقع ، فهذا ابن سعد البصري ( 168هـ - 230هـ )

 يتحدث في ( طبقاته ) عن مندوب ( تنعه ) 

الذي قدِم من بَرَهُوت في وفد كندة الأشعث والملوك الربعة 

 وأنشد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم   

شِعراً لقد أتى من تنعه في بَرَهُوت

 ويصرح ابن الكلبي الكوفي ( ت 204 ) 

أن بَرَهُوت مأوى أرواح المشركين ببرهون 

وبرهوت وادٍ بحضرموت، بقرية يقال لها تنعه 

 ويقرن ابن حبيب البغدادي ( ت 245 ) ذكر تنعه بتريم ومشطة و النجير

 أمَّـا ابن جرير الطبري ( 224هـ - 310 هـ ) فيذكر إرسال

 يزيد بن قنان لقتال المرتدين في بَرَهُوت

 بعد سقوط حصن النجير ...



 فمرويات ابن سعد وابن حبيب والطبري تشير ببنان واحد إلى بَرَهُوت تنعه

 في أحداث وقعت في عهد النبوة الذي قِيل فيه حديث بَرَهُوت  

أو عشية وفاته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم   .

ولابد لنا من أن نُصغي لأقوال شاهد لازال يسكن بَرَهُوت

 وهو كما كان في عصر النبوة لم تغيره السنون

 ملامحه الأساسية , إنه موقع بَرَهُوت نفسه .



ذهبنا إلى بلاد بَرَهُوت التي لا تزال إلى اليوم تُعرف بهذا الاسم

 في أربع رحلات بعد ما مررنا بقرية ( تنعه )

 التي لا تزال بِـها عِمارة إلى اليوم عند وادي بَرَهُوت

 ثم وقفنا كما وقف من قبلنا أمام جبال بَرَهُوت

 ومغاراتها واستنطقنا رسومها وجلاميدها 

واستقصينا حفرها ودهاليزها 

 لعلها تشهد بشيء مما كانت عليه 

 مما وصفه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم   


فإذا بالمغارة بتوفيق الله  تفتح أبوابها أمامنا لندخلها 

 فأرتنا المغارة الموحشة قِيَّنها وقبَّتها 

و أثر رِجل جراد الهوام الذي كان عليها 

 ثم تركتنا نتجول في جوفها الشاسع المصمت 

لعلنا نجد تفسيراً علمياً يُفسر قيَّها بالنَّهار وجفافها بالليل 

 وعُدنا بتفسير يحتاج إلى من يُكمله 


 لقد تحدثت أجزاء الموقع ( القِيَّة و القُبَّة وآثار الهوام والفراغ الشاسع المصمت )

 بأنَّـه الموقع الذي تحدث عنه رسولنا الكريم

 صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم 

  ولكن في يوم كان يتدفق منه ماؤه المذموم . فلله الحمد و المِنَّة .


تدفق القِبَّة صباحاً وجفافها مساءً :



هذا حديث عن ماء يتدفق 

 ولكن لم يعد في بَرَهُوت ماء

 حتى نرى تلك الآية فنفهم مدلول هذا الجزء من الحديث 

 دعونا نبحث في الربط بين تدفق الماء والنهار

 وبين توقف التدفق ومجيء الليل 

 في النَّهار شمس وحرارة وفي الليل تنخفض درجة الحرارة ويحل الظلام . 



والفارق بين درجة حرارة النَّهار والليل يزداد في المناخ الصحراوي

 ومناخ وادي حضرموت شبه صحراوي

فهل اشتداد حرارة النَّهار في حضرموت تجعل القِيَّة تتقيأ .



لنتأمل أثر التغيير الحراري على المغارة 

 ومغارة بَرَهُوت تقع في بطن الجبل

 لكنها قريبة من سطح الهضبة 

فسقف القُبَّة يكاد يلامس سطح الهضبة

 وتضرب أشعة الشمس عند شروقها 

في موضع خزانها الصخري المائي الواسع 

 فحرارة النَّهار تطبق على المغارة من طرفها و آخرها وأعلاها 

 وأعظم المغارة هو الحجر الجيري الذي يتميز بسرعة فقده واكتسابه للحرارة 

 لنتأمل الآن جوف المغارة ( الردهة ) تجويف هائل 

مسمط لهُ عنق غاية في الضيق في قاعة قِيَّة كان يغذيها معيان ضعيف 

 إذن نتوقع فعلاً للحرارة يصاحبه تغير في ضغط الهواء المحصور

 وكيف يحدث ذلك ؟ ... 



في النَّهار تزداد الحرارة فيسخن الهواء الهائل المحصور في جوف المغارة

 ويتمدد عموده فوق ماء القِيَّة الذي تحته

 فيتدفق ( ماء دافق ) وفي لفظ يتدفق ما يدل على خروجه دُفعات .

أمَّـا في المساء فتنخفض حرارة الجو 

وتبرد الصخور والتجويف الصخري للمغارة 

فيبرد الهواء المحصور فيه 

وينكمش عمود الهواء العظيم فوق القِيَّة 

فيقل ضغط الهواء على سطح مائها 

فيتوقف تدفقها طوال الليل 

 ويعوِّض المعيان النابض ما نقص من مائها بالنَّهار وهكذا ...


4.حكم التطهر بماء بَرَهُوت :


كرَّه فقهاء  الشافعية الطهارة من ثمانية مياه :

  1.  الماء المشمس 
  2. والماء شديد الحرارة 
  3. والماء شديد البرودة 
  4. وماء ديار ثمود إلا بئر الناقة 
  5. وماء ديار قوم لوط
  6.  وماء بئر بَرَهُوت
  7.  وماء أرض بابل 
  8. وماء بئر ذروان 

وقال المالكية والحنابلة بكراهية شرب واستعمال ماء بَرَهُوت

 وذروان وماء ديار قوم لوط 


 ونص الحنفية على كراهية التطهر من ماء وتراب كُلُّ أرض مغضوب عليها مثل : 

آبار ثمود يقول الشيخ الحمَد :

 واستدل الفقهاء على كراهية الغسل أو الوضوء من ماء بَرَهُوت 

بحديث ابن عباس السابق أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم  

 قال :« خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم 

فيه طعام من الطُعم و شفاء من السقم 

 و شرُّ ماء على وجه الأرض ماء بوادي بَرَهُوت

  بقِيَّــة بحضرموت عليه كرجل الجراد من الهوام 

تصبح تدفق و تمسي لا بلال بِـها »

 وهو حديث حسن ، وقال بعضهم : أنَّـها بئر معروفة في حضرموت .



وتحدث الشيخ سلمان العودة

 عن عِلَّة كراهة الطهور من ماء كُلُّ أرض مغضوب عليها فقال :

 وأكثرهم على أنَّـه ماء طهور 

 ولا يُحكم بنجاسة الماء ؛ لأنَّ الحديث ليس فيه تعرض للنجاسة 

وإنما هو ماء سخط وغضب 

 فلم يرووا عن النبي عليه الصَّلاة والسلام  

أنَّـه أمرهم بغسل أوعيتهم وأيديهم منه 

وما أصاب ثيابهم ، ولو وقع ذلك لنُقل ، على أنَّـه لو نُقل لمـا دلَّ على النجاسة 

لاحتمال أن يكون ذلك مبالغة في اجتناب ذلك الماء 

 وبناءً على هذه العِلَّة قاسوا عليه كُلُّ ماء في أرض مغضوب على أهلها ..

 إن الأرض   إذا أصابها نوع من العذاب 

قد يكون ذلك المكان سبباً في الإصابة بأنواع من الأمراض 

وقد سمعنا أن بعض الأمكنة التي يلقى فيها بعض المتفجرات

 تتأثر بالإشعاعات النووية التي قد تكون سبباً 

في الإصابة بأنواع من السرطان والأمراض المهلكة 

 فما المانع أن يكون هذا النهي لأجل هذا والله اعلم .



وجاء في الموسوعة الفقهيَّة الكويتية 

أن عِلَّة الحكم بكراهة التطهر والتطهير من  ماء أرض العذاب هي :

 أنَّـه يُخشى أن يُصاب مستعمله بأذى لأنها مظنة العذاب .

ويرى بعض الباحثين اليابانيين المعاصرين

 أن للمياه ذاكرة تحتفظ بما يحدث حولها

 وتتفاعل معه سلباً وإيجاباً 

 فهل أراد الشارع أن يجنبنا استعمال المياه 

التي لا تزال تحمل في ذاكرتها رسائل العذاب الأليم السلبية 

حتى يصيبنا مما أصاب قوم لوط وقوم ثمود ؟ 

ويقال : إن الجن تسكن المياه الراكدة أو تأوي إليها في المساء 

حتى أن بعض فقهاء الشافعية قالوا : بكراهية التبول والتغوط في الماء الراكد ليلاً .

 وعللوا الكراهة بأنَّ المياه الراكد بالليل مأوى الجن 

 وقيَّة بَرَهُوت ماء راكد في قُبة مظلمة بل أشد ظُلمة من ظلمة الليل .

فهل عِلَّة الحكم بكراهة الطهور والشرب من آبار بابل

 ( بلد السحرة الأول ) 

وبئر ذروان ( التي وضع فيها سحرٌ

 لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم   )

 لأنَّ تلك الآبار ارتبطت بالسحر والشيطان

 فجاء الحكم وقاية للمتطهرين من الإصابة بشيء

 من أثر السحر والشياطين والأرواح الخبيثة ؟ 

وماء بَرَهُوت أدعى بأن يُتقى لأنَّ ماء بَرَهُوت 

 شرٌمن ذروان وماء بابل بل هو

 ( شرُّ ماء على وجه الأرض ) كما جاء في الحديث  .


لمشاهدة الحلقة كاملة 




***********************


***********************

google-playkhamsatmostaqltradent