1.الغلام البرهوتي مع النبي صلى الله عليه وسلم
من وشز بَرَهُوت تهوي بي عذافرةٌ
إليك
يا خير من يحفى وينتعل
تجوب بي صفصفا غبرا مناهله
تزداد
عفواً إذا ما كلَّت الإبل
شهرين أعملها نصباً على وجل
أرجو
بذاك ثواب الله يا رجل
أنت النبي الذي كنا نخبره
وبشرتنا
بك التوراة والرسل
ثم قدَّم لرسول الله هدية من تنعة كانت كسوة حاكتها أمه تهناة بنت كليب في تنعة
وأرسلته يحملها إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
فمسح عليه ودعا لهُ بخير ... وصارت تلك المسحة
النبوية مفخرة لذريته من بعده يتيهون بِـها فخراً حتى قال قائلهم :
لقد مسح الرَّسُول أبا أبينا
ولم يمسح وجوه بني بحير
شبابهم وشيبهم سواء
فهم
في اللؤم أسنان الحمير
وفي أبيات كليب ما يدل على بُعد بَرَهُوت ولعل في قوله : ( وبشرتنا بك التوراة والرسل )
إشارة إلى أن اليهود سكنوا بلاد بَرَهُوت أسفل وادي حضرموت
وهل كان كليب نفسه من سلالة يهودية ؟
إذ لم تنسبه تلك المصادر إلى قبيلة كندة أو حضرموت ونسبته إلى بلده بَرَهُوت
وإذا صح ذلك
فهل هو من تلك السُلالة الرومانية المهاجرة التي تحدثت عنه المصادر الأجنبية سالفة
الذِكر ؟
وبعد أن لحق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بالرفيق الأعلى
2.برهوت بعد موت النبي صلى الله عليه والردة
ارتدت أحياء من العرب , وكان من بينها بلاد بَرَهُوت
ويذكر ابن حبيب ( 245هـ ) خبر شريفة من تنعة
كانت من النسوة اللات تخضبن بالحناء وضربن بالدفوف
ابتهاجاً بموت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
وكان من بينهن امرأة يهودية تُدعى وهر بنت يامن اليهودية
لها ذكر في كتب الأخبار , وقد كان بين الذين ينتسبون إلى كليب هذا
وبين قوم بحيرا الذين لصقوا بالحضارم في مهجر الكوفة وهم من نسل ( وهر ) اليهودية
وسيد من حضرموت من تنعة هو شداد بن مالك بن ضمعج التنعي
وكتب كلاهما إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه رسالة ضمناها أبياتاً شعرية
يطلبان فيها من الخليفة تأديب المرتدات انتصاراً لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
وجاء في رسالة التنعي :
أبلغ أبا بكر إذا ما جئته
أن البغايا رمن كُلُّ مرام
أظهرن من موت النبي شماتة
وخضبت أيديهن بالعلَّام
فاقطع هديت أكفهن بصارم
كالبرق
أومض في متون غمام
فأجابهما الخليفة الصديق رضي الله عنه
بأن بعث رسالة إلى عامله على كندة والصدف المهاجر بن أبي أمية
جاء فيها : (( بسم الله الرحمن الرحيم ... من أبي بكر إلى المهاجر بن أمية
, أمَّـا بعد : فإنَّ العبدين الصَّالِـحين امرؤ القيس بن عابس الكندي وشداد بن مالك الحضرمي
اللذين أقاما على دينهما إذ رجع عنه جُل قومهما
فأثابهما الله على ذلك ثواب الصَّالِـحين وصرع الآخرين مصارع الظالمين
كتبا إليَّ يزعمان أن قبلهما نُسوة من أهل اليمن كنَّ يتمنين موت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتأشب إليهن قيان لكندة وعواهر لحضرموت , فخضبن أيديهن وأظهرن محاسنهن
وضربن بالدفوف جرأة منهن على الله واستخفافاً بحقه وحق رسوله صلى الله عليه وسلم
فإذا جاءك كتابي هذا فسر إليهن بخيلك ورجلك حتى تقطع أيديهن
فإن دفعك عنهنَّ دافع أو حال بينك وبينهنَّ حائل
فأعذر إليه باتخاذ الحُجَّة عليه وأعلمه عظيم ما دخل فيه من الإثم والعدوان
فإنَّ رجع فاقبل منه وإن أبى فنابذه على سواء إن الله لا يهدي كيد الخائنين
ولعمري والله ما أظن رجلاً - بل هو اليقين - زيَّن لهن سُوء فِعلهِنَّ
على مثل جناح البعوضة من دين محمَّد صلى الله عليه وسلم
وأيم الله با ابن أبي أمية إني حين أخصك بهذا الأمر
دون أن أتولاه نفسي لطيبة نفسي لطيبة نفسي لك بالأجر العظيم ))
, لكن الذي تولى أمر تأديب تلك المرتدات كان الصحابي زياد بن لبيد البياضي رضي الله عنه
وهو العامل الآخر للخليفة أبي بكر الصديق على حضرموت
ولعل ذلك لوقوع بَرَهُوت تحت إمارة لبيد إذ كان مُقامه في تريم وشبام .
ونقل ابن أعثم الكوفي وغيره خبر مساندة أهل بَرَهُوت للمرتدين في النجير
أمَّـا الطبري فيذكر أنَّـه بعد فتح حصن النجير أرسل عكرمة بن أبي جهل
يزيد بن قنان من بني مالك بن سعد فقتل من بقرى بني هند إلى بَرَهُوت .
ومما يستفاد من هذا السرد التاريخي
وتحديداً من مرويات ابن سعد وابن حبيب والطبري لأحداث وقعت في عهد النبوة
وعشية وفاته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه
وسلم أنَّ بَرَهُوت هي بَرَهُوت حضرموت بَرَهُوت تنعه , ولا ذِكر في تلك المصادر لبرهوت
أخرى غير هذه .
المراجع
جواد علي ، المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام /238-239
ابن حجر العسقلاني، الإصابة 10/3 . والزركلي، الأعلام 232/5
ابن سعد، الطبقات الكبرى350/1 . ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق 299/3
لمشاهدة الحلقة كاملة