recent
أخبار ساخنة

موت النبي: وماحصل من احداث بعد وفاته.



موت النبي




     السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
                            متابعي ومشاهدي مدونة آخر مستجدات العالم                               
رجعنا لكم بموضوع جديد 
وفي موضوع اليوم سوف ننتحدث عن موضوع

موت النبي صلى الله عليه وسلم.
 
وما حصل من أحداث بعد وفاته
  وسنقسم الموضوع الى أربعة أقسام 

1- موتُ النبي تحول خطير
2- مظاهِر التحولاتِ ما بعد عصر الرسالة  
3-اختلافُ الصحابةِ حول موضع القبر الشريف 
4- تحولات ما بعد موتِ النبي صلى الله عليه وسلم

1. موتُ النبي تحول خطير.

 

كانت أخطر التحولات في عصر الرسالة موتُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم  وهي كما أشار صاحب كتاب ((الإشاعة)) في الباب الأول من أعظم المصائب في الدِّين بل أعظمها



 ومِن ثم قال صلى الله عليه وسلم  : ((إذا أُصيبَ أحدُكُم بمصيبةٍ فليذكر مُصيبتَهُ بي، فإنَّها أعظمُ المصائب)) أخرجه الطبراني ؛ لأنَّ وجوده صلى الله عليه وسلم  بين ظهراني الناس كان أمان للأمة وتأسيس لشرف الدعوة الإسلامية بنزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم  وثباتٍ في المعالجات لكل ما يقع في الناس من جُنوحٍ وخطأٍ ..



 وأمَّا موته صلى الله عليه وسلم  فهو باب لفتح ما أَوْعَدَ به   من توارد علامات الساعة، وبروز رؤوس الفِتن التي حَذَّر منها عليه الصَّلاة والسَّلام في مُجْمَلِ أحاديثه.



وعن عائشة رضي الله عنها : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: ((من أصيب منكم بمصيبة من بعدي فلْيَتَعَزَّ بمصيبته بي عن مصيبته، فإنَّه لن يصابَ أحدٌ مِنْ أمَّتي مِنْ بعدي بمثل مصيبته بي)) أخرجه الطبراني.



وعن عوف بن مالك رَفَعَهُ، قال: ((أُعْدُدْ سِتّاً بين يدي السَّاعة : مَوتِي، ثُمَّ فَتحُ بيتِ المَقدس، ثمَّ مُوتانٌ يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مئة دينار فيظل ساخطاً، ثمَّ فتنة لا يبقى بيت من العرب إلاَّ دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً)) أخرجه البخاري.



2. مظاهِر التحولاتِ ما بعد عصر الرسالة.  

قالَ الناظم: 

مَاتَ الرَّسُولُ وانْقَضَـى  بِمَوْتِهِ

 

وَحْيُ السَّماءِ ورخيمُ صَوْتِهِ
  

ولم يَمُتْ حَتَّى أَقَامَ الحُجَجَا
 

وأَظْهَرَ الدِّينَ فَصَارَ أَبْلَجَا
  

يَحْفَظُهُ الفُحُولُ والعُدُولُ
 

مِن كُلِّ حَبْرٍ عَالِمٍ يَصُولُ
  

انقطع عن الأرض ((وحي السماء)) الذي أشار الناظم إلى انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم  من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة.

 وأن بهذا الأجل المقضي استمر ثلاثاً وعشرين سنة، كما انقطع أيضاً رخيم صوت الرسول صلى الله عليه وسلم  بين أصحابه وأهله، ولكنَّه عليه الصلاة والسلام ((لم يمت حتى أقام الحُجَجَ)) وجاهد في سبيل الله ((وأظهر الدِّين)) عالياً بلجاً ((يحفظه الفُحُول)) من الصحابة ((والعُدُول)) من العلماء والتابعين وتابعي التابعين.


وكَانَ مَوْتُ المُصْطَفَى عَلامة
 

لحَيْرَةٍ في مَنْصِبِ الإِمَامَة
  


يشير الناظم إلى إحدى علامات التَّحوّل في هذه المرحلة، وهي مَوتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما أدَّى إليه ذلك الأمرُ من مواقف متنوعة.


وقد جَرى في الموتِ بَعْضُ القَلَقِ
 

وحالُهْ مِن رَجْفَةِ المُنْطَلَقِ


إشارةٌ إلى ما طَرَأَ على سيِّدنا عمر رَضي الله عَنه عند تلقِّي الخبر وإصراره على أنَّ رسول الله لم يمت وإنما ذهب إلى ربه كما ذهب موسى وإنه سيرجع، وصعد عمر رَضي الله عَنه على المنبر يصيح بالناس ويهدد القائلين بموت رسول الله بالقتل والنفاق.


ولَمْ يَزَلْ حَتَّى أَتَى الصِّدِّيقُ
 

وهْوَ الحَرِيُّ بالَّذِي يَلِيقُ
  

فَقَبَّلَ المختارَ في الوَجهِ الوَضِيْ
 

وَقَال: طِبْتَ في الحياةِ والمُضِـيْ
  


أشار الناظم إلى موقف الصدِّيق رَضي الله عَنه من مفاجأة الموت حيث دخل على رسول الله وكشف الغطاء عن وجهه وَقَبَّلَهُ، وقال: ((طِبْتَ يا رسول الله حيّاً وميتاً)) ثم خَرَجَ إلى المسجد ورأى ما أصاب الناس من الفزع والهلع، وسمع ابن الخطاب وهو يتوعَّدُ، وقد تَيقَّنَ الصديق من موت رسول الله صلى الله عليه وسلم .



وعادَ للمسجدِ يَرْوِي بثَبَاتْ
 



مَوْتَ الرَّسُولِ والجميعُ في شَتَاتْ
  

وكان هذا موقفاً شجاعاً من سيدنا أبي بكر الصديق رَضي الله عَنه  أمام هذا التحوُّل، فثباته أمام مفاجأة  الموت أسهمت في لَـمِّ شعثِ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وحسمَتْ موقف الحَيرة التي ضربت عقولهم وأفهامهم، إذ صعد المنبر بعد أن أبَى عمَرُ بن الخطاب النزول وتلا على الناس الآية 

قالَ تعالى :(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِين)

 



ونزلَ الفَارُوقُ لايَقْوَى عَلَى
 

مَشْـيٍ لِما قَد نَالَ مِنْ جَهْدِ البَلا
  

وَسَمِعَ الآيةَ تُتْلَى فبَكَى
 

وَضَجَّ بَيتُ اللهِ حُزْناً وِشِكا
  



إشارة إلى وقع الآيات القرآنية على الصحابة، إذْ أخذ سيدنا أبوبكر الصديق يرددها على الناس.


 فنزل الفاروق منهار الجسم لا تحمله رجلاه، وضجَّ الناس بالبكاء والنحيب عند تيقُّنِهِم موتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم 


 وقال بعضهم لمَّا سمع الآية: والله كأنَّها اليوم أُنزلت، حتى ورد في بعض الآثار كما رواه  الحافظ ابن رجب: ولمَّا توفِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم  اضطرب المسلمون فمنهم من دهش فخلط، ومنهم من أقعد فلم يُطِقَ القِيَام، ومنهم من اعتقل لسانه فلم يطقِ الكلام، ومنهم من أنكر موته بالكلية.



وهذا من أعظم مواقف الصِّدِّيق وثباته أمام هذا التحوُّل الخطير. 

قال القرطبي: هذه الآية أوَّلُ دليل على شجاعة الصدِّيق رَضي الله عَنه  وجرأته، فإنَّ الشجاعة والجرأة أحدهما ثبوت القلب عند حلول المصائب، وبهذه الكلمات القلائل واستشهاد أبي بكر الصديق بالقرآن الكريم خَرَجَ الناسُ من ذهولهم وحيرتهم ورجعوا إلى الفهم الصحيح رجوعاً جميلا.


وَكَانَ هَذَا أَوَّلَ التَّحَوُّلِ
 

وَلَمْ يَزَلْ نَبيُّنَا فِي المنزِلِ
  

 

3.اختلافُ الصحابةِ حول موضع القبر الشريف.

قالَ الناظم: 

 واختَلفُوا في مَوقِعِ الضَّـرِ يحِ
 

حَتَّى أَتَى الصِّدِّيقُ بالصَّحِيحِ
  

وَقالَ لَحدُ سَيِّدِي بِمَنْزِلِهْ
 

سَمِعْتُهُ مِن لَفظِهِ وَمِقْوَلِهْ
  

فحَفَرُوا تَحْتَ الفِرَاشِ حُفْرَتَهْ
 

وَأَنْزَلُوا فِي لَحْدِهِ قَطِيفَتَهْ


  

ومن المواقف المباركة التي تداركها الصديق   رَضي الله عَنه ساعة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم  مسألةُ إرشاده لهم بموقع دفن النبي صلى الله عليه وسلم  حيث اختلفوا في موضع دفنه فأشار لهم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول بمعناه : ((إنَّ مكان دَفْنِه مكان مَوْتِهِ))رواه ابن أبي شيبة وأحمد. فحُفِرَ له صلى الله عليه وسلم في حجرته حيث كان فراشه ودفن هناك صلى الله عليه وسلم . 



4.تحولات ما بعد موتِ النبي صلى الله عليه وسلم  

قالَ الناظم:

وما جَرى مِن مَظْهَرِ السَّقِيفَةِ

وجَمْعِ رَأْيِ القَوْمِ في الخَلِيفَةِ


لـمَّـا عَلِمَ الصحابة بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم  اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول في السنة الحادية عشر للهجرة يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتداولوا الأمر بينهم في شأن الخلافة.


 ولـحِقَهم أبوبكر وعمر إلى السقيفة فقام خطيب الأنصار فحمِدَ الله وأثنى عليه، وقال : ((أمَّا بعدُ فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم معشر المهاجرين رَهْطٌ وقد دَفَّتْ دَافَّةٌ من قومكم فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر)).


وقام أبوبكر الصديق  رَضي الله عَنه  ، فقال : ما ذكرتُم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن يُعرف هذا الأمر إلاَّ لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً، وقد رضيتُ لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم، فأخذ بيد عمر ويد أبي عبيدة بن الجرَّاح، فقال قائل من الأنصار :  أنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَعُذَيْقُها المُرَجَّبُ، مِنَّا أميرٌ ومنكم أمير يا معشر قريش.

 فكَثُرَ اللَّغَطُ وارتفعت الأصواتُ، وفي رواية لأحمد أنَّ أبا بكر  رَضي الله عَنه  قال : ولقد علمتَ يا سعدُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال وأنت قاعد : ((قريشٌ ولاةُ هذا الأمر، فـبَــرُّ النَّاس تبعٌ لــبـــِرِّهِم، وفاجرُ النَّاس تَبَعٌ لفاجِرهم)) فقال سعد : صدقتَ، نحن الوزراء وأنتم الأمراء، وقام عمر بن الخطاب، وقال لأبي بكر: ((اُبْسُطْ يَدكَ يا أبَا بكر)) فَبَسَطَ يدهُ، فبايَعَهُ وبايعَهُ المهاجرون ثمَّ بايعَهُ الأنصار)) رواه البخاري.

وبرز في هذا التحوُّل موقفان:

  • الأول: موقف سيدنا أبي بكر الصدِّيق  رَضي الله عَنه  الذي عرف كيف يقبض على زمام الأمور بكلمته في السقيفة كـمـا قبض على زمامها في المسجد، وأيَّده سعد بن عبادة الذي كان له رأي آخر من قبل.
  • والثاني: موقف عمر بن الخطاب عند ظهور اللَّغط والاختلاف وبدء مبايعته لأبي بكر رَضي الله عَنه 






وفَلتَةٌ جاءَتْ كأَجْلَى مَوْقِفِ
 

تُزِيلُ لَبْسَ الأَمْرِ فِي السِّـرِّ الخَفِيْ
  




 المقصود من ((الفلتة)) المشار إليها قوة الموقف الناشئ عن القيام بالحجة الدامغة حيث ألهم الله أبابكر الصدِّيق  رَضي الله عَنه  حجج الإقناع، فأدخل إلى قلوب الأنصار الحق دون أن يعرِّضهم للفتنة، حيث أثنى عليهم بما هم أهله، وذلك موقف هام، ثم أقنعهم بعد أن اعترف بفضلهم أنَّه لا يعني أحقِّيَّتَهم في الخلافة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم  قد نصَّ على أنَّ المهاجرين من قريش هم المقدَّمُون في هذا الأمر.


 وأشار المؤرخون إلى أنَّ أبا بكر الصدِّيق  رَضي الله عَنه  استدلَّ على أنَّ أمرَ الخلافة في قريش بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم  : ((استوصُوا بِالأنْصَار خيراً، اقبلوا من مُحْسِنِهِم وتجاوزوا عن مسيئهِم)) أخرجه أحمد.


 كما احتج أيضاً بقوله : (( إنَّ الله سمَّانا الصَّادقين وسمَّاكم المُفلِحين)) إشارة لما ورد في آية : (( لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ* وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَالإِيْمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانِ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ)) .


 ثمَّ قال : وقد أمركم الله أن تكونوا معهم حيثما كانوا، فقال تعالى : (( يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)).


وبهذه المواقف ومثلها توحَّد صف المسلمين، وقد ثبت فيما بعد ذلك أنَّ أبا بكر الصدِّيق قام باستبراء نفوس المسلمين من أي معارضة لخلافته واستحلَفَهُم جِهاراً على ذلك.


فأبرز الإمام علي كرَّم الله وجهه موقفاً ثالثاً فَصَلَ في الأمر وأكَّد الخلافة، إذْ قال الصدِّيق : أيُّها الناس اذكُروا الله أيُّما رجل ندم على بيعتي إلا قام على رجليه، فقام علي بن أبي طالب ومعه السيف فدنا منه حتى وضع رجلاً على عتبة المنبر والأخرى على الحصى، وقال : (( والله لا نقيلك ولا نستقيلك، فمن ذا يؤخرك؟ قدَّمك رسول الله صلى الله عليه وسلم  )).


وَبَعْدَ دَفْنِ المصْطَفَى قالوا : نَرى
 

تَنَاكُرَ الأَحوالِ ممَّا قَد جَرَى
  


إشارة إلى مدلول التحوُّلات النفسية التي طرأت على الصحابة عند فراقهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم  وذهابه عنهم فجأة، وقد ألِفُوا الاحتكام إليه والالتفات والإجماع عليه والتشاور لديه، حيث ورد (( ما نفضنا أيدينا من تراب رسول الله صلى الله عليه وسلم  حتى أنكرنا قلوبنا )) أخرجه أحمد.


وهذه ظاهرةٌ حقيقةٌ تلحق مثل هذا التحوُّل، وتطرأ على النفوس والقلوب وحشة وانزعاج، وخاصة أنَّ كلَّما اختلف عليه القوم من قبل كانت عصمة الوحي تفصل فيه وتجزم في شأنه، وأمَّا ما هم فيه الآن إنما يرجع لصِرف الفهم والاجتهاد.


((أيْ إنه بعد انقطاع الوحي بقي ترجيح الأمر قائماً على الاجتهاد والشورى خلافاً لما كان عليه الأمر خلال عهد رسول اللهصلى الله عليه وسلم  )).



وَمِن هنا تَحَوَّلَ الأَمْرُ إِلى
 

صِرْفِ اجتهادٍ في القَرارِ والوَلا
  


وهذا تحوُّلٌ لزِمَ أنْ يتبعه قرارٌ وموقفٌ.


وَبَرزَتْ مَوَاقِفُ التَّحَوُّلِ
 

ومِثْلُهَا مَوَاقِفُ التَّعَقُّلِ
  


وبعد هذه المرحلة التي انتقل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم  برزت على سطح الواقع الاجتماعي مواقف متنوعة أفرزها التحوُّل الجديد ما بين مواقف تعقُّل واتِّزان ومواقف اندفاع وانفعال.

فمِن مواقف التعقُّل والاتِّزان:

1- أنَّ قيادة الأُمَّة لا تقام إلاَّ بالاختيار.


2- وأنَّ البيعة أصل من أصول الاختيار وشرعيَّة القيادة.


3- وأنَّ الخلافة لا يتولاَّها إلاَّ الأَكِفَّاء دِيناً وعَقلاً وإدارةً.


4- لا تدخل الخلافة السياسية ضمن الوراثة والقبَلِيَّة إلاَّ من داخل قرار النص الشرعي الذي لا يتعارض مع أصول الإسلام، وإذا افترضنا دخولها بما اعتقده البعض من نصوص تؤكِّد أو تشير لذلك، فإنَّ مواقف رجل الخلافة يوقف العمل بالنص عند قبوله الرأي الآخر والالتزام به، كما فعل الإمام علي وفعل بصورة أوسع وأشمل الإمام الحسن بن علي  رَضي الله عَنه  وفي هذين حجة لمن أشكل عليه الأمر.


5- الحوار الذي دار في السقيفة أدَّى إلى تسليم كافَّة العناصر للنصوص التي تحكمهم، حيث كانت المرجعيّة في الحوار إلى النصوص الشرعيّة.


6- الإعلان من سيدنا أبي بكر الصدِّيق بعد البيعة باستبراء نفوس المسلمين من أي معارضة لخلافته، وقيام الإمام علي  رَضي الله عَنه  ، قائلاً : (( والله لا نقيلنَّك ولا نستقيلنَّك فمن ذا يؤخِرك قدَّمك رسول اللهصلى الله عليه وسلم )).


7- اجتماع السقيفة يقرر مبدأ الشورى كأصل شرعي لنظام الحكم في الإسلام.

8- اختيار رجل الدولة بالشورى والبيعة الحرَّة.

9- شَفْعُ الاختيارِ بالبيعة العامة، أي: موافقة جمهور المسلمين.

10- خطاب رجل الدولة للمسلمين عند استلام الحكم.


مواقف الاندفاع والانفعال:


1- ما احتجَّ به الآخرونَ حول عقد البيعة لأبي بكر تمع غياب الإمام علي y عن السقيفة، وكان مستخلياً بنفسه قد استفزَّه الحزن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومشغولاً بحال فاطمة رضي الله عنها وأهل بيتها، وهذا تحوُّلٌ طرأ عليه بسبب انتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنّه اتخذ بعد ذلك موقفاً ودخل فيما دخل فيه الناس، وبايع أبابكر على ملأ من الأشهاد، ولم يشذ أو يخالف أو يُعلن تمرُّداً أو طلباً بخلافة، وهذا هو موقف الاقتداء والاهتداء.


 ونحن هنا لسنا بصدد إثبات أو نفي الأحقِّيَّة للإمام علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه إن كانت نصوص السنَّة النبوية قد جعلت له في ذلك حقاً كما يقول البعض؛ لأن هذا الخلاف على النفي أو الإثبات هو الذي أوقع الامة في بوتقة الصراع الذي دخل منه الشيطان على الجميع، وإنَّما نحن بصدد تأكيد موقف من اجتهد فأقرَّ بخلافة أبي بكر، ثم بصدد تأكيد موقف الإمام علي  رَضي الله عَنه  الذي اتخذه بالموافقة تحت أي اعتبار يليق به؛ لأن بعض المعارضين لخلافة أبي بكر يسردون من الآثار ما لا يليق بالإمام ولا بمواقفه ومع هذا وذاك فإنَّ موافقة الأنصار على بيعة أبي بكر تنفي ما قيل بأنَّ الإمام علياً احتج به في قوله : (( اللهَ اللهَ يا معشر المهاجرين لا تَخرجوا سُلطان محمد في العرب من داره وقَعْرِ بيته إلى دُوركم وقُعُور بُيوتكم ... الخ)).



ثم رد بشير بن سعيد الأنصاري (( لو كان هذا الكلام سمعَتْهُ الأنصار منك يا علي قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان). 


إذن فبيعة أبي بكر أَيَّدَهَا الأنصار لعدم علمهم كغيرهم بهذه الأحقِّيَّة ثم بعد علمهم بهذه الأَحقِّيَّةِ مسميّاً ما ورد ذكره من قول الإمام علي، لم ينكث الأنصار بيعة أبي بكر، فكان على الإمام علي y أن يعارض الجميع وأنْ يقف بعيداً عن الساحة أو أن يموت في سبيل موقف الأَحقِّيَّةِ هذا إذا تجاوزنا حكمة أبي بكر الصدِّيق وسلامة مواقفه منذ ساعة وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم  .


2-   ما نُسب لسعد بن عبادة من مجانبته لأبي بكر وعمر، مما يخالف علمه ومقامه، كما أنه لم يصح ما ورد في بعض المراجع أنه بعد بيعة أبي بكر كان لا يصلي بصلاتهم ولا يفيض الحج بإفاضتهم.


3- ما روَّجه البعض أن الطمع في الرئاسة سبَّبَ الانشغال بالخلافة عن النبي  صلى الله عليه وسلم  .


4- ما يقال من أنَّ حديث (( الأئمة من قريش)) أخرجه ابن أبي شيبة، شعار رفعته قريش لاستلاب الخلافة من الأنصار وأنَّه مجرَّد رأي لأبي بكر وليس حديثاً، وهذا القول من نوع التشويش والتشويه الذي يحلو لبعض العناصر المستفيدة من منهج التشويش والتشويه والتحريش.

مصدر المقالة : كتاب التليد والطارف  اضغط هنا

لمشاهدة الحلقة كاملة


 










  





  



  

***********************


***********************

google-playkhamsatmostaqltradent